كيف تتكاثر الطيور؟
How do birds reproduce?


تعريف التكاثر

التكاثر لغويا هو التزايد في العدد، أما علميا فيقصد به تلك العملية البيولوجية التي يتم من خلالها إنتاج جيل جديد لضمان استمرارية النسل. هناك نوعان من التكاثر، تكاثر زوجي (جنسي) و تكاثر لازوجي (لاجنسي)، الزوجي ما تتصف به أغلب أنواع الكائنات الحية و هو ما يستلزم زوجا من نفس النوع (ذكر و أنثى) و بإتحاد مشيج من كل منهما، حيث أن المشيج يحمل نصف عدد كروموزومات الخلية العادية، يَنتُج فرد جديد (صغير) يحمل خصائص جينية مشتقة من التركيبة الجينية للأبوين. أما التكاثر اللاّزوجي أو اللاّجنسي فعلى عكس التكاثر الزوجي لا يستلزم إتحاد أمشاج من جنسين مختلفين بل هو أقرب إلى عملية الإستنساخ، إذ ينتج فردا جديدا مطابقا لفرد واحد “الأب”، يعتبر هذا النوع من التكاثر الشكل الرئيسي للتكاثر لدى وحيدات الخلية، مع وجوده عند بعض الكائنات عديدات الخلية من حيوانات و نباتات و فطريات.

كيف تتكاثر الطيور

تتميز الطيور بتكاثر جنسي، حيث يلتقي الذكر و الأنثى في مواسم تختلف من نوع إلى آخر، يقوم الذكر غالبا بمغازلة الأنثى بطرق مختلفة كالإستعراض بالغناء أو الرقصات المختلفة أو أحيانا ببناء أعشاش و بيوت متقنة الصنع. بعد إقناع الذكر للأنثى يقوم الذكر بإفراز السائل المنوي الذي يخرج عبر فتحة المَذرَق الخاصة به إلى مَذرَق الأنثى، و هنا نلتمس الصفة المميزة لدى الطيور و التي تتشاركها كذلك مع الزواحف و البرمائيات ألا و هي إختلاف أعضائها التناسلية عن الثدييات، فهي تملك فتحة واحدة تسمى بالمَذرَق (Cloaca) يتم من خلاله إخراج المني لدى الذكر و تَلَقِّيه له لدى الأنثى و يخرج منه البيض و الفضلات كذلك. يتم تلقيح البويضات داخليا (داخل جسم الأنثى). عندما تكون الطيور جاهزة للتكاثر، تنتفخ أعضائها التناسلية (الخصيتان و المبيض) و تنتج داخلها الحيوانات المنوية و البويضات. تخزن ذكور الطيور الحيوانات المنوية في مذرقها حتى تسنح فرصة للتزاوج، عند التزاوج تتلقى الإناث السائل المنوي لينتقل إلى أعماق جسمها لتخصيب البويضات ثم تبدأ في تكوين البيض.

جهاز تناسلي غير نشِط للذكر و الأنثى

جهاز تناسلي نشِط للذكر و الأنثى

الخصيتان (Testes)
المِبيَض (Ovary)
الكِلى (Kidney)
الحالِب (Ureter)
الأمعاء (Intestine)
قناة البيض الرّديمة (Rudimentary right oviduct)
المَذرَق (Cloaca)
قمع قناة البيض (Oviductal infundibulum)
قناة البيض (Oviduct)
القناة الأسهرية ((Vas deferens) Deferent duct)
الحوض المنوي (Semen storage receptacle)

 

مواسم التكاثر

تكون أغلب الطيور عقيمة خارج مواسم تكاثرها، فهي لا تتزاوج من أجل طلب المتعة بل من أجل ضمان إستمرارية النسل. تختلف مواسم التكاثر من نوع إلى آخر و من منطقة جغرافية إلى أخرى بالإضافة إلى عوامل محددة نذكر منها :

  • التواجد الجغرافي: كل ما اقتربنا إلى خط الإستواء لاحظنا أن كثيرا من أنواع الطيور تتكاثر على مدار السنة. أما في بقية مناطق العالم، خاصة في المناطق المعتدلة و القطبية فتكون مواسم التكاثر فيها محددة زمنيا بشكل دقيق. تعمل التغيرات في طول النهار بشكل رئيسي على إثارتها و كذلك ارتفاع درجات الحرارة.
  • أماكن التعشيش: توفر مكان بناء العش يؤثر على موسم التزاوج. يعتمد موعد تزاوج بعض الأنواع المعروفة بإتخاذها للتجاويف المستعملة أعشاشا على توفر تلك التجاويف المهملة من طرف أنواع أخرى. أما الطيور التي تبني عشها كل سنة فتتأخر أحيانا في عملية التكاثر بحيث تأخذ الوقت الكافي لتجميع المواد اللازمة لبناء العش. و من هذا فإن الطيور التي تعيد إستعمال أعشاشها القديمة لها حظوظ أكبر في تقديم موعد التكاثر.
  • الغذاء و الماء: تمثل الموارد الغذائية و المائية عاملا أساسيا في تحديد موسم التكاثر، فالآباء بحاجة ماسة إلى الطعام لتغذية فراخها، من أجل هذا تقوم بعض الطيور بالهجرة لأماكن يكون الغذاء فيها وفيراً. في الصحاري الجافة أو الموائل القاحلة الأخرى، يمكن أن يؤدي الظهور المفاجئ للمياه من خلال العواصف الموسمية أو الفيضانات إلى بدء موسم التزاوج. في تلك الأنواع من الموائل، تطورت النباتات لتزدهر بسرعة عندما تتوفر المياه، حيث توفر تلك النباتات الغذاء الضروري للطيور لتربية صغارها، و لذلك، تتمتع العديد من الطيور الصحراوية بمواسم تزاوج أكثر مرونة.
  • عدد الحضنات: تقوم بعض الطيور التي تملك عدة حضنات في السنة بتقديم موعد التكاثر الأول لكي يكون لها الوقت الكافي لتفقيس و رعاية الفراخ كل حضنة. لا يمكن لهذه الأنواع المضي إلى حضنة ثانية و ثالثة إن كانت الموارد شحيحة.
  • مدة رعاية الفراخ: بعض الطيور تحتاج وقتا طويلا لرعاية فراخها حتى مرحلة إعتمادها على نفسها، لذلك يكون موسم تكاثرها مبكرا لتجد الوقت الكافي للرعاية قبل احتمال تدهور الظروف الطبيعية الملائمة.

الأعشاش و البيض

  • العش

العش هو المكان الذي يجهزه الطائر لكي يضع فيه البيض و يحضنه ثم يرعى فيه فراخه بعد فقسها و يحميها من المفترسين. بعض الطيور تصنعه من الأغصان و الأوراق و الطين و شبكات العناكب و اللعاب..إلخ، على الأشجار في البنايات و في الكهوف و التجاويف و كذلك على الأرض. تساعد الأعشاش المختصين في دراسة الطيور على تشخيص الأنواع من خلال التعرف على أشكالها و أحجامها و أماكن تواجدها.

أنواع الأعشاش

  1. طيور بدون أعشاش
  2. الأعشاش الطافية على الماء
  3. الأعشاش المصنوعة من اللّعاب
  4. أعشاش الكَوْمة
  5. الأعشاش البسيطة
  6. الأعشاش على شكل كأس
  7. الأعشاش المغلقة
  8. الأعشاش المعلقة
  9. أعشاش الجحور و التجاويف
  10. الأعشاش الطينية

لمزيد من التفاصيل إقرأ مقالة الأعشاش.

حجم الحضنة

يشار بالحضنة إلى إجمالي البيض الذي يضعه الطائر و يحتضنه في وقت واحد، أما حجم الحضنة -أي عدد البيض- فيختلف من نوع إلى آخر. يضع بعض الطيور نفس العدد من البيض كل مرة، كالحمام الذي يكون عدد بيضه ثابتا، بيضتان كل حضنة. من جهة أخرى، يختلف حجم الحضنة عند عديد من أنواع أخرى، فيشار لها بمعدل عدد البيض، حيث تستمر الأنثى أحيانا بوضع البيض حتى يصل الحجم إلى مستوى مناسب، أفضل مثال عن هذه الأنواع الدجاج الداجن، أين تضع الأنثى ما يصل معدله ست (06) بيضات، لكن، و في كل مرة أُزيل بعض البيض عن حضنتها، قامت الدجاجة بوضع المزيد.

هناك بعض العوامل المؤثرة على حجم الحضنة مثل:

  • التواجد الجغرافي: لوحظ عند بعض الطيور المغردة من رتبة العصفوريات تباين في حجم الحضنة بين المناطق الشمالية و الجنوبية، و هذا راجع بشكل رئيسي للإختلاف في طول النهار الصيفي بين المنطقتين و الذي يلعب دورا هاما في إمكانية العثور على الطعام.

تشير دراسة أجراها عالم بيئة الطيور روبرت ريكلفس (Robert Ricklefs) الأمريكي أن عدد البيض الأكثر شيوعًا في المناطق المدارية الرطبة هو 2-3 بيضات في الحضنة الواحدة، أما في المناطق المعتدلة و القطبية الشمالية فيكون 4-6 بيضات. و في سياق نفس الدراسة، أظهرت نتائج البحث في منطقة ذات 13 موقعا تمتد من جزيرة بورنيو إلى ألاسكا أن 48-88 بالمئة من العصفوريات تضع بيضة واحدة (01). 86 بالمئة من الطيور في أحد الغابات الإستوائية في بورنيو تضع 2-3 بيضات، و في غابة مطيرة أخرى في غرب جاوة كان 75 بالمائة في نفس النطاق. في غابة شائكة في أواكساكا بالمكسيك، وضع حوالي نصف أنواع الطيور في المتوسط 3-4 بيضات، و في التندرا في ألاسكا يتراوح متوسط جميع الأنواع بين 4.5 و 5.5 بيضة.

  • القدرة الجسدية و الفيزيولوجية: نلتمس هنا عدد البيض الذي تستطيع الأنثى إنتاجه جسديًا في وقت واحد؛ عدد البيض الذي يستطيع الطائر تغطيته و تدفئته بنجاح عند التفريخ.
  • القدرة على التربية و الرعاية: يُعتقد كذلك أن حجم الحضنة يتم تحديده من خلال عدد الصغار الذين يمكن لزوج من الطيور تربيته بنجاح.

إستخلص عالم الحيوان البريطاني نيلسون فيليب أشمول (Nelson Philip Ashmole) من دراساته حول أحجام الحضنات نظريات مفادها أن حجم الحضنة يتناقص نسبيا كلما اتجهنا من خط الاستواء الى القطب، و هذا ما يرتبط مباشرة بتوفر الموارد الطبيعية، فمن الطبيعي أن الزوج لا يمكنه توفير الغذاء لحضنة كبيرة (عدد كبير من الفراخ) مع نقص الغذاء.

  • العلاقة بين حجم الحضنة و العمر الأقصى للطائر: يُلاحَظ أن هناك بعض الإرتباط بين حجم الحضنة و معدل البقاء على قيد الحياة و طول العمر المحتمل للفرد العادي من النوع.

الحضانة

الحضانة أو التفريخ هي ما يفعله الأبوان لتدفئة بيضهما من أجل ضمان تطور الجنين و الوصول إلى موعد الفقس بنجاح. تختلف مدة الحضانة من نوع إلى آخر، فهي تتراوح بين ما يقارب الـ 11 يوما (العصفوريات الصغيرة و طائرا الوقواق أصفر المنقار و أسود المنقار مثلا) إلى 85 يوما (القطرس الجوّال) دون إنقطاع، أما في حالة الحضانة المتقطعة، فيُعد البطريق الإمبراطور صاحب أطول مدة حضانة و التي تقدر بـ67 يوما. تحسب مدة الحضانة عادة من آخر بيضة وُضعت إلى آخر بيضة تفقس.

كيفية الحضانة

من أجل إبقاء البيض محافظا على درجة حرارة ثابتة مناسبة يتبع الأبوان استراتيجيات تختلف من طائر إلى آخر لتحقيق ذلك، أشهرها أن يجلس الطائر على البيض و ينقل حرارة جسمه إلى البيض مباشرة ليدفئه، من أجل إنتقال جيد للحرارة يسقط الريش في منطقة التّماس (Brood patch) لدى الطائر الحاضن بين أسفل جسمه و البيض، يتم السقوط تلقائيا أو يتم نتفه من طرف الطائر نفسه (عند بعض أنواع البط مثلا) و يُستعمل كمادة من مواد بناء العش. بعض أنواع الطيور البحرية من فصيلة الأطيش لا يفقد الريش أسفل جسمه بل يقوم بإستعمال أقدامه الغشائية لتغطية البيض ثم الجلوس عليه لضمان الحفاظ على الحرارة اللازمة. نعود بذكرنا للبطريق الإبراطور كونه الطائر الوحيد الذي يتميز باستقبال الذكر منه البيض مباشرة من الأنثى على ظاهر قدميه ثم يحتضنه.

بعض الطيور من فصيلة الشقبانية تصنع عشا على شكل كَوْمة من المواد النباتية (أنظر مقالة الأعشاش) و تدفن بيضها داخلها فيكتسب البيض الحرارة منها بعد أن تتعفن و تتحول إلى سماد طبيعي مع مرور الوقت. و في المناطق الحارة تحرص الآباء عند بعض طيور القطا على تبريد بيضها عن طريق تظليلها بجناحيها كي لا تجف و تحترق.

تقلب الطيور الحاضنة بيضها بشكل دوري للتأكد من أنها دافئة بشكل متساوٍ.

تساقط الريش أسفل الجسم (Brood patch)

من يقوم بمهمة الحضانة ؟

في أغلب الحالات يقوم كل من الأب و الأم بالحضانة بالتناوب أو الأم وحدها، لكن، نادرا ما يقوم الذكر وحده بالحضانة، مثال على هذا طيور البطريق الإمبراطور و الإيمو و الروحاء. يُذكر أن أبناء طيور الهواتزين الإستوائوية (أغلبهم الذكور) يقومون بإعانة آبائهم في حضانة البيض المُقبل.

تطور الجنين داخل البيضة

اللّقانقي أو السِّقاء (Allantois)
الجنين (Embryo)
السلى أو كيس الجنين (Amnion)
غرفة الهواء (Air chamber)
الكيس المحِّي (Yolk sac)
الأحّ أو بياض البيضة (Albumen)

خلال فترة الحضانة تحدث تحولات داخل البيضة، حيث تبدأ البويضة الملقحة بالتطور مرحلة بعد مرحلة لتصبح في النهاية فرخا جاهزا لرؤية العالم الخارجي. فيما يلي تلخيص مبسط على تطور جنين الدجاج الداجن بالأيام و أهم ما يطرق من تطورات خلال فترة الحضانة.

اليوم الأول

  • بداية ظهور صفات الجنين
  • ظهور القناة الهضمية
  • ظهور العمود الفقري
  • بداية تكون الجهاز الهضمي
  • ظهور الجُزُر الدموية و الدورة المُحِّية
  • بداية تكون العين

اليوم الثاني

  • بداية تكون القلب
  • بداية تكون الأذن
  • القلب يبدأ بالنبض

اليوم الثالث

  • بداية تكون السلى (كيس الجنين)
  • بداية تكون الأنف
  • بداية تكون السيقان
  • بداية تكون الأجنحة
  • بداية تكون اللقانقي أو السِّقاء

اليوم الرابع

  • بداية تكون اللسان

اليوم الخامس

  • بداية تكون الجهاز التناسلي (التمايز الجنسي)

اليوم السادس

  • بداية تكون المنقار و أسنان البيض

اليوم الثامن

  • بداية تكون الريش

اليوم العاشر

  • بداية تصلب المنقار

اليوم الثالث عشر

  • ظهور الحراشف و المخالب

اليوم الرابع عشر

  • توجيه الجنين رأسه نحو الطرف العريض للبيضة

اليوم السادس عشر

  • زيادة تماسك بنية المنقار و الحراشف و المخالب

اليوم السابع عشر

  • توجيه المنقار نحو غرفة الهواء

اليوم التاسع عشر

  • بداية سحب الكيس المحي نحو تجويف الجسم

اليوم العشرون

  • سحب الكيس المحي كليا نحو تجويف الجسم، شغل الجنين لمساحة البيضة بالكامل ما عدى غرفة الهواء.

اليوم الواحد و العشرون

موعد الفقس

التصنيف العلمي

المقالات الأكثر قراءة

 

  • الحوت القاتل

  • بيض الطيور و مختلف أشكاله

  • كيف تتكاثر الطيور

  • الجقل السوري أو الواوي

  • حوت العنبر

  • النسناس المعرق